الثروة السمكية في ديالى تلفظ أنفاسها الأخيرة… الجفاف يطيح بـ60% من الإنتاج واختفاء شبه تام للأحواض
25-11-21 16:03:00

العهد/ ديالى
لم تعد أسماك محافظة ديالى المحلية حاضرة على موائد المواطنين كما كانت قبل سنوات قليلة، فمشهد الأسواق اليوم يكشف أزمة متفاقمة تضرب الثروة السمكية في عموم المحافظة، وسط جفاف غير مسبوق وتراجع كبير في مناسيب المياه، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج بنسب تتراوح بين 50 إلى 60%، وانتهاء أكثر من 98% من الأحواض التي كانت تنتج آلاف الأطنان سنوياً.

أسواق شبه خالية… وسمك مستورد يهيمن
في الأسواق وعلى جوانب الطرق، أسماك ديالى باتت غير موجودة كما كانت، وقد حل السمك المستورد من المحافظات والبلدان الأخرى بديلاً عن المنتج المحلي.
في هذا الصدد يقول باسم العزاوي وهو بائع أسماك في حديث لـ"العهد"، إن “ديالى لم تعد تنتج حيث كنا نشتري من أحواض حمرين والوند والخالص وشهربان لكن الآن لا يوجد شيء تقريباً، ومعظم المعروض هو مستورد أو قادم من بغداد او كركوك او حتى من الخارج، فيما يسأل المواطن عن السمك الديالي".
ويشير العزاوي إلى أن "الأسعار تتذبذب كل يوم بسبب قلة المعروض فيباع الكيلوغرام غير المشوي مرة ب5000 ومرة ب6500 دينار، ونواجه صعوبة في تلبية طلبات المواطنين، خصوصاً في نهاية الأسبوع".
بدوره يؤكد عبدالرحمن مشتاق وهو مواطن أن "أفضل الأسماك هي النهرية فمذاقها يختلف ونبحث عنها باستمرار لكنها قليلة جدا وغالبا غير موجودة في السوق، والمتوفر هو مستورد وغير مرغوب لكننا نشتريه لعدم وجود بديل".

مربو وصيّادو الاسماك الى "العمّالة"
في ظل اشتداد أزمة الجفاف، يعتبر أصحاب الأحواض السمكية هم الأكثر تضرراً، فالمئات منهم اضطروا إلى ردم أحواضهم خلال العامين الماضيين، بسبب نفاد المياه.
حسين كاظم أحد مربي الأسماك في أطراف المقدادية، يقول في حديث لـ"العهد نيوز"، إن "أحواضنا كانت تنتج عشرات بل مئات الأطنان، لكنها اليوم صارت من الماضي بعدما تم ردمها من قبل الجهات الحكومية بسبب قلة المياه التي لم تعد تكفي حتى لري المزروعات".
وأضاف أن "خسائر جميع المربين الذين اعرفهم أصبحت كبيرة جداً، وتوجه الكثير منا الى مهن أخرى أو أعمال البناء "العمّالة" لكسب قوت يومنا وتوفير احتياجات عوائلنا".
وفي سياق متصل بين فارس المجمعي وهو يمتهن صيد الأسماك "، أن "الاحواض الطينية انتهت وتبعتها الاحواض العائمة التي كانت في نهري ديالى ودجلة خاصة قرب الخالص وجديدة الشط نتيجة انخفاض مناسيبها بشكل كبير".
وتابع المجمعي أن "استمرار الجفاف يعني انتهاء الثروة السمكية في ديالى وفقدان أنواع الأسماك المعروفة هنا ومن بينها الزوري والبني والشبوط وغيرها، والاعتماد على الكارب المستورد فقط"، مضيفا أن "الكثير من الصيادين اتجهوا الآن الى المبازل لصيد مايستطيعون صيده من الأسماك وبيعها وتلبية متطلبات المعيشة".

ثروة مفقودة وحلول مرتبطة بالسماء
الأرقام الحكومية تكشف عن أزمة غير مسبوقة تواجهها الثروة السمكية في ديالى، بحسب مديرية زراعة محافظة ديالى.
المتحدث باسم مديرية الزراعة محمد المندلاوي قال في حديث لـ"العهد "، أن "المحافظة كانت تنتج وتسوق عشرات الأطنان من الأسماك شهريا، لكن الأشهر الأخيرة لم تصل معدلات الأسماك المسوقة في عموم المحافظة الى 16-17 الف طن شهريا وهذه النسبة متدنية جدا".
وأضاف المندلاوي أن "الأحواض المجازة لم يتبقى منها سوى 1-2 ‎%‎ يعمل فيما تم ردم غير المجازة"، مبينا أن "تراجع المياه في الانهر والمسطحات المائية وردم الاحواض أدى الى فقدان 50-60 ‎%‎ من الثروة السمكية في ديالى".
وأكد أن "تفاقم أزمة الجفاف في العراق وديالى بشكل خاص قد يؤدي الى فقدان الثروة السمكية بكل نهائي في المستقبل مالم تكن هناك اطلاقات مائية او أمطار تغير الواقع الحالي".
وفي سياق متصل أشار الباحث في الشأن البيئي أحمد العبيدي الى أن "الثروة السمكية في ديالى تدخل مرحلة الانهيار الحقيقي، فالأحواض كانت تعتمد بنسبة كبيرة على مياه الأنهر وفروع نهر ديالى، وهذه المصادر تراجعت لأدنى مستوياتها الطبيعية".
وأكد أن "ما يحصل ليس مجرد تراجع إنتاج، بل انهيار لمنظومة متكاملة في ظل تراجع مناسيب بحيرة حمرين وسد العظيم"، موضحا أن "انتعاش قطاع الاسماك من جديد مرتبط بالموسم الشتوي الحالي والأمطار اذا كانت كافية أم لا، فضلا عن الاجراءات الحكومية التي يمكن ان تتخذ للحفاظ على المياه وعدم هدرها".