سلام جاسم الطائي يكتب: صعود الثقة السياسية و دور الشيخ الخزعلي في تحقيق مصالح المكوّن الأكبر
25-11-19 17:58:00

سلام جاسم الطائي
يعيش العراق لحظة سياسية حسّاسة تتطلب حضورًا لقوى قادرة على الجمع بين الثبات والواقعية، وبين الالتزام الوطني والعمل المؤسسي. وفي هذا السياق، يبرز صعود حركة الصادقون بقيادة الشيخ الأمين قيس الخزعلي (دام توفيقه)باعتباره أحد التحولات الأكثر وضوحًا داخل المكوّن الأكبر، ليس بوصفه حدثًا مفاجئًا، بل نتيجة لمسار طويل من العمل الميداني والتنظيمي الذي أسّس لرصيد سياسي متين.

 

لقد قدّم الشيخ الخزعلي خلال السنوات الماضية نموذجًا مختلفًا للقيادة، قائمًا على وضوح الرؤية وانسجام الخطاب مع الفعل. فهو لم يبالغ في الشعارات ولم يشتبك في صراعات جانبية، بل حافظ على نهج مقاوم يتسم بالواقعية السياسية وحماية الثوابت الوطنية. هذا الأسلوب أكسبه ثقة جمهور واسع يرى فيه شخصية قادرة على إدارة التوازنات بطريقة تحفظ سيادة الدولة وتضمن وتحافظ على مصالح ومكتسبات المكون الاجتماعي الاكبر وتجنّب البلاد مسارات التوتر غير الضرورية .
اذ تعد حركة الصادقون حالة لافتة داخل بنية الأحزاب العراقية. فبينما عانت بعض القوى التقليدية من الترهل التنظيمي وضعف التواصل مع الجمهور، استطاعت الحركة أن تبني نموذجًا أكثر انضباطًا وقدرة على الانتشار. ويعود ذلك إلى طبيعة تكوينها الذي يمزج بين الخبرة الميدانية والتجربة السياسية، وإلى حرصها على الالتزام بوعود قابلة للتحقق، ما جعل العلاقة بينها وبين جمهورها قائمة على الثقة وليس على الوعود المؤجلة.
هذا الحضور المتنامي للحركة يعكس أيضًا ارتفاعًا في مستوى الوعي الشعبي؛ إذ أصبح الناخب العراقي أكثر قدرة على التمييز بين الخطاب الاستعراضي والمشروع السياسي المتماسك. وقد اتجه جزء مهم من جمهور المكوّن الأكبر نحو القوى التي أثبتت انسجامًا وواقعية بين ما تطرحه وما تنفذه، وهو ما استفادت منه الصادقون بوضوح. فالحركة لم تقدّم نفسها كقوة تبحث عن حضور إعلامي، بل كتيار يحمل رؤية واقعية لبناء الدولة وحماية قرارها السياسي.

ولا يمكن فصل هذا الصعود عن الدور الشخصي للشيخ الخزعلي في إدارة توازنات المرحلة. فقد برز كصوت يسعى إلى تهدئة التوترات وتقديم مقاربات عقلانية للتعقيدات السياسية، مع الحفاظ عل ثبات الموقف في ما يتعلق بالسيادة الوطنية وحقوق الشعب وتثبت حقوق المكونات التي عانت من ظلم النظام البائد . هذا النوع من القيادة بات نادرًا في سياق سياسي يكثر فيه التنافس الحاد وتتصاعد فيه الضغوط الداخلية والخارجية، ما جعل الشيخ الخزعلي يمثل عنصر استقرار يحتاجه المكوّن الأكبر والعملية السياسية عمومًا.

 

إنّ التقدّم الذي حققته حركة الصادقون لا يمكن النظر إليه بمعزل عن مسارها وتراكم خبراتها. فهو نتاج عمل منظّم وقراءة دقيقة للمشهد وحضور متواصل في الميدان، إضافة إلى خطاب وطني متزن لاقى صدى واسعًا بين الجمهور الباحث عن قوة سياسية واقعية ومسؤولة. ومن المرجّح أن يستمر هذا المسار طالما استمرت الحركة في المحافظة على نهجها القائم على الصدق في التعامل والثبات في الموقف
بهذا المعنى، يبدو صعود الصادقون وثبات مواقف رمح الأمة وسيفها الشيخ قيس الخزعلي جزءًا من إعادة تشكيل التوازنات داخل العراق، حيث تتقدم القوى الأكثر ثباتًا وتنظيمًا وقدرة على التعبير عن تطلعات جمهورها. وفي مرحلة تحتاج فيها البلاد إلى قيادة واضحة ومشروع سياسي متماسك، تبرز الحركة بوصفها ركيزة أساسية في الحفاظ على الاستقرار وتعزيز السيادة وصيانة القرار الوطني