يعتبر صعود حركة الصادقون في آخر انتخابات برلمانية واحدة من أبرز التحولات داخل البنية السياسية الشيعية، إذ باتت الحركة تمثل المسار الأكثر ثباتًا وتراكمًا في النتائج منذ دخولها المعترك الانتخابي.
وهذا التقدم لا يمكن قراءته بمعزل عن ثلاثة عوامل جوهرية:
أولًا، وهذا هو الأهم، الالتزام الصارم وعدم المساومة على الثوابت الشيعية والوطنية، وهو ما منح الحركة قاعدة انتخابية مستقرة تنظر إليها بوصفها ممثلًا موثوقًا وواضح الهوية، لا يتذبذب مع المزاج السياسي.
ثانيًا، اعتماد خطاب دولة يزداد عقلانية وواقعية مع التجربة، ويبتعد أكثر فأكثر عن الانفعالات الأيديولوجية التقليدية التي عادة ما ترافق الحركات السياسية ذات الصبغة الدينية.
ثالثًا، تجذر التنظيم الميداني وفعالية الماكينة الإعلامية، فالحركة شيدت خلال السنوات الماضية شبكة تنظيمية متماسكة، قادرة على التعبئة السريعة والوصول إلى قواعدها في جميع المحافظات، بالتوازي مع منظومة إعلامية ذكية تعرف كيف تتعامل مع الجمهور، وتستثمر الثغرات التي يتركها خصومها.
وبذلك، يمكن القول إن صعود الصادقون ليس نتاج موجة عابرة، بل نتيجة بنية سياسية وتنظيمية تتوسع بثبات، قد تجعلها لاعبًا أثقل وزنًا في موازين المرحلة المقبلة إذا استمرت على الوتيرة ذاتها.
