هيثم الخزعلي يكتب: الدين العام الأمريكي كرة الثلج المتدحرجة
25-11-07 17:45:00

هيثم الخزعلي

اعلنت وزارة الخزانة الامريكية قبل ايام ان الذين العام الامريكي في اواخر اكتوبر ٢٠٢٥ وصل لاكثر من ٣٨ ترليون دولار.

اي بمعدل ١١١ الف دولار لكل مواطن امريكي، والاخطر هو سرعة تنامي الدين العام الامريكي، حيث ازداد بمقدار ١ ترليون في ٨٢ يوما فقط، وهو ما يثير قلق الاقتصاديين والدين العام هو مقدار ما تدين به الحكومة الامريكية لدائنين محليين واجانب مع الفائدة المستحقة على هذا الدين وهو نتيجة تراكمية لسياسات حكومية اعتمدت الانفاق باكثر من الايرادات.

وبتوقع "مكتب الخزانة الفدرالية" في الكونكرس ان يستمر الدين العام بالزيادة، لمدة ٣٠ سنة بسبب العجز المتكرر الذي تعاني منه الموازنة. وهذا يعني انها ليست مشكلة مؤقتة بل مشكلة هيكلية في الاقتصاد وعمل النظام السياسي.

وبعد ان قامت" وكالة موديز "بتخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الامريكية، اصبح عليها ان تدفع فوائد اكبر مقابل سندات الخزانة ذات المدد ١٠ و٢٠ و٣٠ سنة.

خبراء الاقتصاد يقارنون بين الدين العام والناتج المحلي الاجمالي، فعند نمو الدين العام باسرع من نمو الاقتصاد فهدا يعني ان مشكلة الدين مشكلة مستدامة.

وستكون عواقب هذا الامر منتشرة ومؤثرة بكل الاقتصاد الامريكي ، فسوف يطلب المستثمرون اسعار فائدة اعلى مقابل اقراض الحكومة، كما ان الفوائد على قروض العقارات سترتفع وقروض السيارات ستصبح اكثر كلفة، وترتفع الفوائد على بطاقات الائتمان، وستواجه الشركات تكاليف اقراض اعلى مما يؤدي لانخفاض الاستثمارات وعدم التوسع بالاعمال.

وهدا بطبيعته سيؤدي لتسريح عمال اكثر وزيادة معدلات البطالة والفقر.

كما ان مسالة الفائدة لوحدها تعتبر مشكلة بحد ذاتها لان الحكومة الامريكية ليست مدينة ب٣٨ ترليون دولار فقط، بل هي تدفع فائدة اكبر من ١ ترليون لخدمة هذا الدين، وهو ما يوازي ميزانية الدفاع وبرنامج الرعاية الصحية.

ويعتي ان هذه الاموال بدلا من ان تذهب لتحسين البنية التحتية او التعليم او الرعاية الصحية تذهب لخدمة الدين العام.

والسؤال الاهم كيف وصلت الولايات المتحدة لهذه النقطة؟

هنالك عدة عوامل حسب خبراء الاقتصاد الامريكيين :-

١- ارتفاع الانفاق الحكومي على برامج الرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية بسبب تزايد اعداد كبار السن في الولايات المتحدة الأمريكية.

٢- تزايد الانفاق الحكومي بعد احداث ١١ سببتمبر (الهجوم علي برجي التجارة العالميبن )، والحروب في افغانستان والعراق وباقي دول الشرق الاوسط واوكرانيا واخيرا غزة، وهو ما اضاف ترليونات الدولارات للانفاق الحكومي على مدى اكثر من عقدين.

٣- ثم جاءت الازمة الاقتصادية عام ٢٠٠٨ التي اجبرت الحكومة الامريكية على ضخ ترليونات الدولارات في الاقتصاد لمنع انهياره الكامل.

٤- ثم ما لبث الاقثصاد الامريكي ان استقر جاءت جائحة كورونا واضطرت الحكومة ان تزيد الانفاق على شيكات التحفيز وتمويل الشركات والرعاية الصحية.

٥- الخلل السياسي في واشنطن مثل عدم سداد الديون - بسبب عدم رغبة كل رئيس بتقليل الانفاق وزيادة الضرائب كي لايخسر الجمهور - واعتماد فواتير الانفاق قصيرة الاجل، والفشل في تمرير موازنات طويلة الاجل، والاقتراض غير المقيد، وهو ما انتج عجز مزمن.

وحسب مكتب المحاسبة الحكومي، فان هذا الاتجاه سيستمر لوقت طويل وستنعكس اثاره اما بتخلي الحكومة عن برامج اجتماعية مهمة بالاضافة لزيادة كلفة القرض العقاري، والسيارات وقروض المستثمرين للشركات،

بالاضافة للتضخم الذي سيظهر باسعار السلع والخدمات وهو مع استمرار الاقتراص سيؤدي لانخفاص قيمة الدولار وانخفاص القدرة الشرائية للمواطن الامريكي، وتآكل قيمة راتبه ومدخراته،

ان استمرار الدين العام بالتزايد قد يؤدي الى ان تفقد الاسواق ثقتها بقدرة الحكومة الامريكية على ادارة شؤونها المالية وسداد ديونها.

وهو ما يعني ارتفاع اسعار الفائدة على الديون الممنوحة لها، وهو ما سيقود لازمة مالية حقيقية لاحقا،وهذا ما يصعب تصوره لاكبر اقتصاد عالمي.

الا ان وصول الدين لعتبة ٣٨ ترليون، يعتبر اشارة تحذيرية، والسؤال الاهم :-

كم سوف يستمر الدين الامريكي العام بالنمو قبل ان يخرج عن السيطرة؟

ارجو قراءة مقالنا السابق قبل سنة (الدين العام الامريكي وازمة الرئيس القادم )

والله يقضي لا معقب لحكمه..